ظننت أني أعرف الطريق.
ولكن الشوارع أصبحت واحدة. لا فرق بين ميدانٍ وطريق، لا فرق بين جسرٍ ونفق، كلٌ أصبح متساوى.
هذه المدينة التي نُزِّعت أحيائها، وسويّت مبانيها وجسورها وقلاعها. هذه المدينة التي أصبح الغنيُّ فقيراً والصحيحُ مريضاً والطفلُ عاجزاً، هذه المدينة التي تعدُ أول ما سكنها البشر، بنوا قلاعها وزرعوا أرضها . هذه المدينة التي ازدهرت منها الحضارة الإنسانية باكتشاف أهلها الزراعة منذ بضع آلاف سنة.
ترعرعت هنا.
ولكنني اليوم لا أعرفها.
فقدت الأمل، فسألتهم عن الدار.
سألني أحد جنود الجيش الحر من أكون فأجبتهم بأنني كنت أسكن هنا، فأشار إلي الطريق المؤدية إلى بيتي.
أو ما كان بيتي.
الشارع كله دمار العمارات المنهمرة على عروشها. هنا كان محل جدي، وكنت ألعب هنا مع أصدقائي في طفولتي، وكان أبي يحب الجلوس في تلك القهوة المتقابلة لعمارتنا.
لم يتبقى شيئاً. خراب في كل مكان. ولكنني عرفت عمارتي من لافتة محروقة لإحدى المحلات التي كانت يوماً تزدخر بالزوار من كل أنحاء حلب لشهرته بالبقلاوته الشامية الفريدة وكان أصدقائي يحسدونني على ذلك.
كانت العمارة من القلائل في الشارع التي مازالت متماسكة رغم أنف النظام، ما جعلها نقطة استراتيجية لقناص الجيش الحر الذي سيطر على هذا الجزء من المدينة.
تسلقت ما تبقى من سلالم.
أتذكر جيداً كيف كان هذا السلم مزدحماً بالسكان الذين كانوا يسارعون في المُعايدات والمباركات وقت الأعراس والأعياد، أتذكر كيف كنا نلعب أطفالاً على هذه العتبة بالدراجات، أتذكر كيف كان بعض الجيران يصرخون لعلوِ أصواتنا وصراخنا أولهم ذلك الرجل العجوز الذي كان يسكن الطابق الأول.
دخلت شقتنا، أو ما تبقى منها.
تذكرتُ ذلك اليوم الأخير، اليوم الذي فارقنا بعض أحبتنا، وفارقنا نحن أنفسنا.
فاليوم تُخاطب الجدران ذاكرتي، فيؤلمني ما تبقى منها من حياةٍ نزعتها حرب غيرمتناهية.
الصور من جوجل.
Whoa cloud u do this in English please
Sure! Here it is: https://lostinarabia.wordpress.com/2013/08/04/syria-2/
Enjoy!
thans